نشرفي 23 أبريل 2020

انعقاد المجلس الإداري للمكتب الوطني للسكك الحديدية : 2019، سنة بطابع الفعالية الميدانية وميزانية 2020 على وتيرة الظرفية الاستثنائية

تحت رئاسة السيد عبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، عقد المجلس الإداري للمكتب الوطني للسكك الحديدية أشغاله يومه الخميس 23 أبريل 2020 عبر النظام الرقمي للتداول بالفيديو. وقد تضمن جدول الأعمال تدارس وحصر الحسابات المتعلقة بسنة 2019 والمصادقة على ميزانيات السنة الجارية أخذا بعين الاعتبار الآثار الناجمة عن جائحة فيروس 'كورونا' على النشاط السككي.

وفي مستهل كلمته الافتتاحية، ذكر السيد الوزير بالسياق الاستثنائي الذي تنعقد فيه هذه الدورة والذي تطبعه المجهودات الجبارة التي تبذلها بلادنا، بناء على التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، للحد من انتشاروباء 'كوفيد- '19 وآثاره في إطار النظرة الاستباقية لصاحب الجلالة وإعطاء أوامره السامية لاتخاذ تدابير وقائية غير مسبوقة. وقد مكنت هذه التدابير، ذات الطابع الصحي والاجتماعي والاقتصادي والمالي، بلادنا من إبقاء الوضع الوبائي تحت السيطرة والتخفيف من تداعياته الاقتصادية، مع إحياء القيم التاريخية للاستثناء المغربي من التزام وتعبئة شاملة وصمود وتضامن وانضباط.

كما أشار السيد الوزير إلى أن الاختيار الحكيم لبلادنا، جعل الحفاظ على صحة المواطنين فوق كل اعتبار وسلامة الرأس المال البشري من أولى الأولويات. وبالطبع، فإن آثار هذه الأزمة الصحية قد شملت، على غرار قطاعات حيوية أخرى، مختلف أنماط النقل التي ازدادت حدة منذ دخول حيز التنفيذ القرار الشجاع والوجيه المتعلق بإقرار حالة الطوارئ الصحية الذي حد من التنقلات الحضرية وبين المدن.

أما في ما يخص القطاع السككي، سجل السيد الوزير بارتياح الإنجازات والحصيلة المرضية المحققة خلال سنة 2019 في مختلف المجالات. فبفضل المشاريع المهيكلة التي تم تشغيلها، ساهم هذا النمط في تعزيز الحركية المستدامة ببلادنا خدمة لتنقلات المواطنين والحاجيات اللوجستية للفاعلين الاقتصاديين، صاحبها ارتقاء نوعي ملموس في جودة الخدمات المقدمة. وأضاف السيد الوزير، إلى أن من شأن هذه النتائج المشجعة أن تحثنا على تكثيف الجهود للإسراع في تنزيل النموذج الاقتصادي الجديد بغية مواصلة تعزيز نجاعة هذا القطاع الحيوي الذي يتسم بمزاياه المتعددة، وذلك وفق مقتضيات برتوكول - الاتفاق الموقع عليه بين الدولة والمكتب لفترة 2019-2025.

ومن جانبه، قدم السيد محمد ربيع الخليع، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، عرضا مستفيضا حول الحصيلة الغنية والمكثفة التي طبعت سنة 2019. إذ ذكر في البداية بأن هذه السنة عرفت الاستغلال الفعلي لكل المشاريع السككية الكبرى التي تفضل صاحب الجلالة نصره الله، بإطلاقها في نونبر 2018 والتي مكنت من تحديث وتطوير الشبكة الوطنية وإحداث تحول جدري في مكونات العرض السككي ببلادنا.

ويتعلق الأمر على الخصوص بالقطار فائق السرعة "البراق" كرافعة للتحول، بحيث امتدت تأثيراته لتحدث تجديدا جذريا على مستوى مختلف مكونات المنتوج السككي بفضل اعتماد مفهوم جديد للسفر وإعادة بلورة مسار الزبون وتوفير خدمات مبتكرة ذات قيمة مضافة...، مسجلة بذلك كل من القطارات المكوكية وقطارات الخط "الأطلس" ارتفاعا مضطردا في نفس المنحى التصاعدي الذي عرفته قطارات البراق.

فعلى امتداد سنة 2019، طبعت التعبئة والفعالية الميدانية عمل كل أطقم المكتب مما ترتب عنه تسجيل نتائج جد إيجابية بالمقارنة مع سنة 2018 لمختلف المؤشرات المتعلقة بالنشاط السككي:  إذ تم نقل 38,2 مليون مسافر (+8%) مع توفير مزيد من ظروف الراحة والمقاعد المضمونة وخدمات ذات قيمة مضافة بالمحطات وعلى متن القطارات، بالإضافة إلى ضبط في انتظام مواعيد سير القطارات بنسبة ناهزت 92,55 ٪ أي بتحسن بلغ 21,5 نقطة، واعتماد نظام تعريفي مرن وفي متناول الجميع... وبفضل هذه الطفرة النوعية، قفزت نسبة رضا الزبناء إلى 87% أي بارتفاع 17 نقطة بالمقارنة مع السنة الماضية، مما يستخلص منه أن السفر عبر القطار أضحى في الوقت الراهن مثالا 'لمصالحة' المواطن مع الخدمة العامة.

أما بالنسبة لنقل البضائع واللوجستيك، أشار السيد محمد ربيع الخليع إلى أن هذا النشاط تمكن من نقل ما حجمه 25 مليون طن من البضائع سنة 2019، مستفيدًا من القدرات الاستيعابية المتاحة بفضل المشاريع الكبرى المنجزة، وإبرام شراكات استراتيجية جديدة مع العديد من الفاعلين في هذا المجال كالمكتب الشريف للفوسفاطOCP  وشركة طنجة المتوسط  TMSAوكذا فاعلين عالميين من قبيل CMA CGM... وعليه، فقد استطاع نشاط نقل البضائع واللوجستيك أن يشكل حلقة أساسية في إنجاح ونجاعة العديد من المشاريع المهيكلة التي عرفها النسيج الاقتصادي والصناعي الوطني، كما هو الشأن بالنسبة لنقل السيارات من مصنع 'رونو' بملوسة الذي بلغ 350 ألف سيارة على مدار العام (بمعدل 1500 سيارة / اليوم)، ونقل السيارات المنتجة في مصنع PSA بالقنيطرة الذي انطلق مؤخرا ويتم تصديرها عبر ميناء طنجة المتوسطي​​، وكذا تزويد المحطة الحرارية لجرادة بمعدل 3000 طن يوميًا من الفحم القادم من الناظور، ومد مصنع 'لافارج أولسيم' بسطات بالحجر الجيري بمعدل 7000 طن في اليوم. وقد ساهمت هذه النقليات الناجحة في التقليل، وبشكل كبير، من الضغط على الطرقات وفي جعل السلسلة اللوجستية الشاملة أكثر أمانًا ومردوديةً وأقل أضرارا على البيئة.

ومن جهتها، سجلت المؤشرات المالية والتدبيرية أداء جد متميز سنة 2019. ويتجلى ذلك في تحقيق نمو واضح مقارنة بسنة 2018: إذ تم إنجاز 3,76 مليار درهم كرقم معاملات (+9,3%) و2 مليار درهم كقيمة مضافة (+5%) وتحقيق ما قدره 929 مليون درهم كفائض خام للتشغيل (+10,5%)... بالإضافة إلى حجم الاستثمارات الذي بلغ نحو 2,2 مليار درهم والذي هم على وجه الخصوص اقتناء قاطرات من الجيل الجديد والشروع في بناء مراكز جديدة لصيانة الأسطول والتي تندرج ضمن مخطط مديري يرمي إلى مواكبة أفضل للمتطلبات المتزايدة للاستغلال.

وبخصوص ميزانية سنة 2020، ذكر السيد المدير العام أنه كان قد تم الاستناد في إعدادها، في بادئ الأمر، على أساس فرضيات مواصلة التطور المضطرد للنشاط السككي كما تم تأكيده من خلال تسجيل منحى نمو جد مشجع لمختلف المؤشرات خلال الأشهر الأولى من هذه السنة. إلا أن الحدوث المفاجئ للأزمة الصحية، كبح هذا الزخم الإيجابي من خلال التأثير على النشاط السككي وفرض تبني مخطط استعجالي وأولوي بهدف تدبير أمثل لهذه الأزمة ومراجعة الميزانيات للأخذ بعين الاعتبار تداعياتها الحادة على القطاع.

وفي هذا الإطار، تمت مراجعة ميزانيات الاستغلال والاستثمار على أسس عودة حركة النقل تدريجيا لوضعيتها الطبيعية بعد نهاية مرحلة الحظر الصحي بالموازاة مع وتيرة استعادة النشاط الاجتماعي والاقتصادي عافيته، وكذا حصر النفقات وملائمة الاستثمارات والأخذ بعين الاعتبار رقم معاملات متوقع يبلغ 3 مليار درهم.

وبعودته لموضوع خطة الاستعجالية المعتمدة من طرف المكتب لمواجهة الأزمة الصحية، قدم السيد محمد ربيع الخليع عرضا مفصلا أبرز من خلاله التدابير المتخذة والتي ارتكزت على ست روافع أساسية. إذ همت جوانب القيادة وتدبير الموارد البشرية ومخطط استمرارية الأنشطة والتواصل مع مختلف الفرقاء ومبادرات التضامن ورزمانة من الترتيبات المالية. وتثبت هذه التدابير الوقائية والاستباقية عن التزام المكتب واشتغاله الدؤوب من أجل :

  • الانخراط في إطار المبادرة الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الرامية للتعبئة الوطنية الشاملة من خلال مساهمة المكتب بمختلف مكوناته في الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس 'كورونا' ؛
  • الحفاظ على السلامة الصحية لكل المتعاونين والزبناء والشركاء ؛
  • تكييف نظام العمل مع هذه الظرفية الاستثنائية، بالرفع من مستوى استعمال الوسائل الرقمية وتبني العمل عن بعد ؛
  • الحرص على الاحتفاظ على الوضعية الجيدة لآليات الإنتاج استعدادا لعودة النشاط إلى حالته الطبيعية، مع الامتثال الصارم للتدابير الصحية المسطرة في هذا الشأن ؛
  • الحرص على الإعلام والتوعية والتواصل باستمرار حول كل التدابير الوقائية والاحترازية الواجب اتخاذها داخليا وخارجيا ؛
  • تسريع أداء استحقاقات الموردين، مع إيلاء اهتمام خاص للمقاولات المتوسطة والصغرى وفقًا لتوجيهات السلطات المختصة.

وقبل رفع أشغال هذه الدورة، هنأ أعضاء المجلس الإداري جميع متعاوني المكتب على الجهود المبذولة لتحقيق هذه الإنجازات والمساهمة الفعالة لاستباق حركية مستدامة. كما حرصوا على تقديم تحية خاصة للسككين الذين أبوا إلا أن يظلوا ملتزمين ومعبئين، في هذه الظروف الدقيقة، من أجل أداء مهامهم على أكمل وجه، تحذوهم في ذلك روح المواطنة وحب الوطن للمساهمة في تزويد مواقع الإنتاج والتخزين والتوزيع بمختلف المنتوجات عبر ربوع التراب الوطني.

وفي الختام رفع أعضاء مجلس الإدارة برقية ولاء وإخلاص لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله.