نشرفي 28 يناير 2022

الرباط في 28 يناير 2022 - انعقد المجلس الإداري للمكتب الوطني للسكك الحديدية عبر تقنية المناظرة المرئية، تحت رئاسة السيد محمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجستيك. وقد خصصت هذه الدورة إلى تدارس وتقديم الحسابات المرتقبة برسم 2021 والمصادقة على ميزانية سنة 2022 واستعراض مستوى تقدم الأوراش المندرجة ضمن بروتوكول-الاتفاق الموقع بين الدولة والمكتب والمشاريع التنموية للشبكة الحديدية الوطنية وكذا تطوير منظومة صناعية سككية وطنية. 

في مستهل كلمته الافتتاحية، ذكر السيد الوزير بأن هذا المجلس ينعقد في سياق استثنائي تطبعه استمرارية الأزمة الصحية التي لاتزال تخيم بظلالها على العالم منذ ما يقارب السنتين والتي تستمر بلادنا في تكثيف الجهود للحد من تداعياتها. إلا أنه، بفضل المقاربة الاستباقية لصاحبالجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، فيما يخص اتخاذ التدابير الاحترازية والوقائية غير المسبوقة لم تتمكن بلادنا فحسب من إبقاء الوضع الوبائي تحت السيطرة، بل استطاعت أن تتميز مرة أخرى كنموذج على المستوى القاري، من حيث تدبير الجائحة وتوفير اللقاحات والتطعيم الواسع للمواطنين لحمايتهم من هذا الوباء. 

"هذا، وأردف السيد الوزير، أن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لهذه الأزمة الصحية لم تستثن أي قطاع، بما في ذلك النقل، خاصة على إثر التدابير الاحترازية الحازمة التي تم اتخادها للحد من انتشار الفيروس، وعلى الرغم من الصمود والمرونة والقدرة الكبيرة على المواكبة التي أبان عليها قطاع النقل السككي، إلا أن ذلك لم يمنعه من مواجهة تأثيرات هذه الجائحة. 

وفي هذا الصدد، أكد السيد الوزير أن "الجهود الجبارة التي بذلها المكتب في السنوات الأخيرة لتحديث النقل السككي وتطوير الشبكة الوطنية كان من شأنها إحداث تحول جذري بالقطاع السككي ببلادنا. إذ عرفت الشبكة طفرة نوعية غير مسبوقة، أصبحت ملموسة بشكل واضح لدى مستعملي القطار، سواء تعلق الأمر بالمسافرين أو الفاعلين الاقتصاديين، وذلك من حيث تحسن أداء هذا المرفق الهام وجودة خدماته وتطور قدرته التنافسية وجاذبية عروضه. 

وعلى الرغم من الظرفية الوبائية، عمل المكتب جاهدا على مواصلة هذا المنعرج الإيجابي واستكمال تحوله الكبير من خلال الانخراط في ورش جديد وطموح، من شأنه توفير النموذج الأمثل لهذا القطاع الحيوي يضمن له استدامة ونجاعة أفضل، حتى يتسنى له الاضطلاع بدوره على أكمل وجه، بصفته عمودا فقريا للحركية المستدامة ورافعة أساسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تعرفها بلادنا، تحت القيادة الرشيدة والرؤية الثاقبة لصاحب جلالة الملك، محمد السادس، نصره الله. 

ومن جانبه، أوضح السيد محمد ربيع الخليع، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية في بداية مداخلته، أن المكتب استطاع خلال السنة الماضية، رغم الإكراهات التي تفرضها الجائحة، من تحقيق انتعاش ملحوظ على مستوى مختلف أنشطته، بفضل اعتماد مقاربة استباقية حازمة. عمل من خلالها على تعديل استراتيجيته لتوفير الظروف الأمثل لتحقيق الانتعاش المنشود، مستندا في ذلك بالأساس على تسريع التحول الرقمي وإعطاء دينامية جديدة للأنشطة الرئيسية وتدعيم التعاون بين مكونات مجموعة المكتب وكذا الإسهام في تطوير منظومة سككية وطنية وتجديد سلسلة القيمة الصناعية.  

وبالنظر للإنجازات التي حققها المكتب سنة 2021، أوضح المدير العام أنه فيما يتعلق بنشاط المسافرين، فقد حقق انتعاشا ملحوظا مقارنة بسنة 2020. وتشير التوقعات إلى حدود نهاية دجنبر إلى نمو مضطرد لجميع المؤشرات: ارتفاع عدد المسافرين بنسبة +64٪ مقارنة مع سنة 2020، حيث تم نقل 34,5 مليون مسافر سنة 2021 مقابل 21,1 مليون مسافر سنة 2020. كما عرف رقم المعاملات تحسنا بزيادة +87٪ إذ بلغ 1,5 مليار درهم سنة 2021 مقابل 803 مليون درهم في 2020.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، إن قطارات ''البراق'' التي أكملت عامها الثالث من الاستغلال في نونبر الماضي، قد استقطبت +100٪ من الزبناء من خلال نقل 2,4 مليون مسافر سنة 2021 مقابل 1,3 مليون مسافر سنة 2020 محققة بذلك رقم معاملات بلغ 317 مليون درهم سنة 2021 مقابل 165 مليون درهم سنة 2020 أي بتحسن +100٪. 

أما بالنسبة لنشاط نقل البضائع والفوسفاط، فقد أكد على الرغم من تداعيات الجائحة، طاقته الكبيرة على الصمود من خلال تسجيل تحسن ملموس لمختلف مؤشراته سنة 2021: نقل أزيد من 25,5 مليون طن من البضائع سنة 2021 أي بزيادة +2,6٪ مقارنة مع 2020 محققا بذلك رقم معاملات بلغ 1,8 مليار درهم أي بزيادة +2,3٪ مقارنة بسنة 2020. 

كما تجدر الإشارة إلى أن جميع المؤشرات المالية المتوقعة في متم دجنبر 2021 قد أكدت منحاها الإيجابي.

فبفضل الانتعاش الجيد الذي سجله نشاط نقل المسافرين والصمود الذي عرفته أنشطة نقل البضائع، من المرتقب أن يبلغ رقم المعاملات 3,5 مليار درهم سنة 2021 مقابل 2,8 مليار درهم سنة 2020 (أي بزيادة 25٪). 

وفيما يخص الاستثمارات فقد أنجز المكتب مشاريع بغلاف مالي بلغ 1.6 مليار درهم سنة 2021، مقتصرا في ذلك على إنهاء العمليات القائمة وعلى العمليات المتعلقة بالسلامة وجودة الخدمات. 

وبخصوص ميزانيات سنة 2022، فقد أوضح السيد المدير العام بأن إعدادها قد تم وفقا لتوجهات الدولة في هذا الإطار وانطلاقا من منظور الانتعاش الاقتصادي لما بعد الجائحة، والعمل على متابعة النمو الملحوظ المسجل سنة 2021 بهدف تحقيق رقم معاملات قد يصل إلى 3.8 مليار درهم (أي + 9٪ مقارنة بسنة 2021). 

وسيواصل المكتب سنة 2022 جهوده الاستثمارية بغلاف مالي يقدر ب 2,6 مليار درهم، من خلال تفعيل مختلف المشاريع اللازمة للحفاظ على مستوى أدائه وإنجازاته، وتسريع الدراسات المتعلقة بمشاريعه التنموية.

وارتباطا بالمشاريع المندرجة في بروتوكول-الاتفاق الموقع بين الدولة والمكتب في يوليوز 2019، فقد قطعت هذه الأخيرة أشواطا هامة بفضل تظافر جهود المكتب وفرقائه المعنيين، لتفعيل مختلف الأوراش المسطرة، خاصة المتعلقة بوضع نموذج اقتصادي جديد، من شأنه توفير الشروط اللازمة لاستدامة إنجازات ونجاعة المكتب وضمان تطوير الشبكة الحديدية الوطنية.  ويتابع المكتب مبادراته من أجل بلورة تحوله المؤسساتي، وفقا للتوجهات المسطرة لإصلاح منظومة المؤسسات والمقاولات العمومية.

كما ذكر السيد المدير العام بأن النمط السككي يحتل اليوم مكانة متميزة ويتطلع إلى مستقبل واعد لما يحظى به من مزايا، من قبيل قدرته على توفير نقل مكثف وتسهيل حركية مستدامة، نظيفة وصديقة للبيئة.  علاوة على أنه يظل أحد أهم الروافع لإنعاش الاقتصاد وباعتباره أداة فريدة للتهيئة المجالية. ومن هذا المنظور بات من الضروري أن يغتنم المكتب فرصة مخططه التنموي ليلعب دوره كمحفز لإرساء وتطوير منظومة صناعية سككية وطنية، ذات مكون تكنولوجي عال، مندمج ومتكامل بين فاعلين مهيكلين من القطاعين العام والخاص. وسيكون لإحداث هذه المنظومة السككية الوطنية، المبتكرة وذات القيمة المضافة، وقع إيجابي واضح على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وكذا من حيث إغناء تنافسية وإشعاع بلادنا.

 وقبل الختام، أكد السيد الخليع أن المكتب الوطني للسكك الحديدية، أبى إلا أن يستهل سنة 2022 متوشحا باللون الأخضر، إذ اتخذ خطوة جديدة في تحوله الطاقي، من خلال تشغيله ابتداء من فاتح يناير، لجميع قطارات 'البراق' بالطاقة النظيفة قبل أن يعمم تدريجياً هذا الخيار على جميع قطاراته، معززا بذلك التزامه التام وانخراطه القوي في تعزيز وتطوير حركية مستدامة، شمولية وفعالة.  

وقبل انتهاء أشغال هذه الدورة، هنأ أعضاء المجلس الإداري مجموع متعاوني المكتب على المجهودات المبذولة للتحقيق المتواصل لهذه الإنجازات على مر السنوات والمساهمة الفعلية في استباق متطلبات التنقل المستدام.

وفي نهاية الاجتماع، رفع أعضاء المجلس برقية ولاء وإخلاص لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله.